حزمة أسرار عن " المسيري"

في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"

  • في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"
  • في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"
  • في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"
  • في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"

اخرى قبل 5 سنة

في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"

يعتبر المفكر الكبير الراحيل عبد الوهاب المسيري علامة بارزة في الفكري الحديث الذي بدأه متمردا على الفكر الشيوعي واختتمه بعد حياة حافلة من النضال الفكري والحزبي بالمشاركة في تأسيس حركة كفاية ثم قيادتها حتى وفاته رحمه الله في 3 يوليو عام 2008 بعد صراع مرير مع مرض السرطان عن عمر ناهز السبعين عامًا.

المهندس أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط قال عنه في ذكرى رحيله على صفحته الرسمية في فيسبوك: " إنه اليوم ذكرى رحيل المثقف والمفكر الموسوعى العظيم د. عبد الوهاب المسيري ، والذى كان لى شرف صحبته ومعرفته والتعلم منه فى سنواته الأخيرة ، خاصة تلك التى شاركنا فى تأسيس حركة كفاية ثم بالاشتراك فى تأسيس حزب الوسط ، وكتابة مقدمة البرنامج وجزء هام منه ، وخاصة البرنامج الثالث الذى قدمناه فى عام 2004 ثم الرابع فى عام 2009 بعد وفاته" .

وأضاف ماضي رحل الرجل الذى بالرغم من علمه الموسوعى وإضافاته للفكر العربى والإسلامى والإنساني وتفرده بصكّ معانى وعبارات جديدة خاصة فى الحديث عن اليهود واليهودية والصهيونية ، بالرغم من كل ذلك كان إنساناً متواضعاً رقيقاً كريماً ، محباً للفن الراقى ومعاوناً لكل محتاج وخاصة الشباب.

واستطرد ماضي في حديث مطول عبر صفحته على صفحته في فيسبوك بعلاقته بالمفكر الراحل، وذلك من خلال سلسلة ذكرياته " شخصيات عرفتها".

يقول ماضي: المسيري  بدأ التمرد صغيرًا ثم يافعًا واحتكَّ بالمدرسة الماركسية النقدية وتأثر بها وعاش في تنظيماتها، فهو يحكي في كتابه "رحلتي الفكرية" عن تمرده وهو صغير قائلا: "أذكر مرة أن أستاذ اللغة العربية (الأستاذ عوض) طلب مني وأنا في السنة الثانية من المرحلة الثانوية أن أكتب موضوع إنشاء عن "حديقة منزلكم"، و"الإنشاء" لم تكن مادة نتعلم فيها كيف نرتب أفكارنا ونحولها إلى كلمات مكتوبة وبنية منطقية متماسكة، وإنما كانت قوالب لفظية جاهزة نحفظها عن ظهر قلب ثم نرصها رصًّا حين تحين المناسبة، ومن هذه القوالب التي ما زلت أذكرها مجموعة من الكلمات تعبر عن "موقفي" من الطبيعة أنها تخلب اللب، وتشرح الصدر، وتملأ القلب روعة وجلالا، وبالطبع كانت هناك الآيات القرآنية والأبيات الشعرية والأمثلة التي نرصِّع بها ما نكتب أو ما ننشئ، ضقت ذرعًا بكل هذا فكتبت موضوع إنشاء أقول فيه ما أحس به، بدأ الموضوع بتأكيد أن منازل الفقراء ليس لها حديقة، وأن أطفالهم لا يعرفون معنى الحدائق ويعيشون بين أكوام القمامة، وهاجمت الظلم الاجتماعي بشكل عام، فأعطاني الأستاذ "صفرًا" على هذا الموضوع وأبلغ أهلي عن كتاباتي "الشيوعية".

وأوضح ماضي أن هذا يفسر لماذا لم يستمر د. المسيري كثيرًا في الإخوان المسلمين في بداية حياته، وانتقل بعدها إلى الحرس الوطني وهيئة التحرير، ثم انتقل إلى الحزب الشيوعي ومكث به حوالي 5 سنوات ثم تركه لأسباب تتعلق بإلغاء شخصيته والذوبان في التنظيم، فهذا يدل على أن كثيرًا من الحركات والأحزاب الإسلامية تتجه في مشروعها السياسي الاقتصادي نحو اليمين، وتتراجع فيها الاهتمامات بالعدالة الاجتماعية إلى حد كبير ويبقى فيها فقط الصدقات والزكاة للفقراء، وليس رفع مستواهم ومعالجة قضية الفقر في المجتمع علاجا جذريًا وليس مسكنًا هذا بالنسبة للإسلاميين.

وتابع قائلا: إن المسيري  ظل جزءًا كبيرًا من حياته يعتنق الفكر الماركسي في المسألة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ولم يكن ملحدًا كما ذكر هو نفسه عدة مرات، بل وذكرنا طريقته الطريفة في ذكر ذلك حين كان يقول: «كنت ماركسيًّا على سنة الله ورسوله»، وحين احتك بالغرب واشتبك مع مشروع الغرب الفكري من منظور فلسفي؛ ظل ينتقد هذا المشروع وينقضه من خلال مدخل فلسفي حتى نقد الفكر الفلسفي الاشتراكي أيضًا كما سبق وفعل مع الفكر الرأسمالي وتحول إلى الفكر الإسلامي.

 وقد استغرق في هذا التحول ثمانية عشر عامًا، وحين قدم الراحل الرئيس علي عزت بيجوفيتش في ندوة القاهرة حين قال عن كتابه "الإسلام بين الشرق والغرب": «لو قرأتُ هذا الكتاب لوفر عليَّ 18 عامًا من التحول من الفكر الماركسي إلى الفكر الإسلامي».

وأشار إلى أنه حين تم الاتفاق على تأسيس جمعية كفاية، كان د. المسيري يحرص من خلالي على معرفة أنشطة الحركة والمشاركة فيها وخاصة التظاهرات، وحين كنت أشفق عليه وهو يُعالَج من مرض السرطان ولا أخبره ببعض المظاهرات؛ كان يغضب ويطلب مني أن أخبره بكل مظاهرة ليشارك فيها، حتى تم الاعتداء عليه في إحدى المظاهرات واختطافه هو وزوجته وإلقاؤهم في الصحراء.

 

وعن الجانب الإنساني عن المسيري يقول ماضي : " دعوت على غداء في مطعم فاخر بمصر الجديدة ، وفي نهاية الغداء عَرَضْتُ بجدية أن أدفع قيمة الغداء؛ أمسك المسيري  بيدي وقال: أنا دمنهوري وأتمنى أن تدفع أنت لكن هدى - يقصد د.هدى زوجته رحمها الله - شرقاوية كريمة - أي من محافظة الشرقية - ستدفع هي (بس قوم) أي: اذهب، حتى لا ترى النقدية الكثيرة معها - فكان كريمًا وخفيف الظل.

وأوضح ماضي في حديثه أيضا أن من أقرب الناس إليه كان الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل؛ ، منوها أنه في إحدى المرات دعاني د.المسيري مع الأستاذ هيكل وزوجته وعدد قليل جدًّا من أصدقائه - حوالي خمسة - مع السفير البريطاني في ذلك الوقت وزوجته، حيث إن زوجته مصرية الأصل وابنة عالم البحار يوسف جوهر، وكان هذا الرجل - وهو أيضًا يتكلم العربية - محبًّا للثقافة والأدب، ودعا د. المسيري لمنزله بالسفارة واحتفى به، فأراد د.المسيري أن يرد له حفل التكريم بهذه الدعوة.

وتابع قائلا : أذكر أننا جلسنا مدة ساعة نتحدث جميعًا مع الأستاذ هيكل في أمور جادة قبل أن يصل السفير متأخرًا ومعتذرًا بسبب الطرق، وحين وصل بدأ د. المسيري الحديث عن أهم النكت، واستمر على هذا الحال حتى انتهاء العشاء وانصراف السفير وزوجته.

ويضيف ماضي : الطريف أن د.المسيري أخبرني أنه بمجرد انتهاء العشاء اتصل به ضابط من الأمن الوطني - أمن الدولة سبقا-  ليسأله عمَّا جرى في العشاء وعن ماذا تحدثتم مع السفير، فأخبره أنه تحدثنا عن النكت فلم يصدق الضابط وسأله: عشاء فيه محمد حسنين هيكل وعبد الوهاب المسيري وأبو العلا ماضي مع السفير الإنجليزي وتتحدثون عن النكت؟! فضحك د.المسيري وقال له: هذه هي الحقيقة، وطبعًا هذه هي الحقيقة، فالرجل يعلم حساسية أن يدعو سفير دولة أوربية كبيرة إلى منزله، فلم يشأ فعلا أن يتحدث في أمور كانت مهمة حتى لا يُسَاء فهمها.

وقد ولد  المسيري في مدينة دمنهور شمال مصر في الثامن من أكتوبر عام 1938 لأسرة يقول عنها هو: "تنتمي إلى ما يمكن تسميته «البرجوازية الريفية»، وهي برجوازية في دخلها وفي فرديتها، لكنها تعيش خارج الإسكندرية والقاهرة، أي تعيش في الريف، فلم تتأثَّر بعناصر التغريب التي كانت تضرب بأطنابها في البرجوازية الحضرية".

وفي عام 1944 التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية، ثم مدرسة دمنهور الثانوية (وقد حصل على الابتدائية عام 1949، ثم حصل على الثقافة عام 1954، ثم حصل على "التوجيهية أدبي فلسفة" عام 1955، والتحق في نفس العام بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة الإسكندرية، وحصل على الليسانس فيها في عام 1959.

 وعُين معيدًا بها في العام التالي لتخرجه، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1963 حيث حصل على الماجستير من جامعة كولومبيا في نيويورك عام 1964، ثم التحق بجامعة رتجرز في ولاية نيوجرسي حيث حصل على الدكتوراه عام 1969، وعاد في نفس العام للتدريس في قسم اللغة الإنجليزية بكلية البنات ـ جامعة عين شمس.

التعليقات على خبر: في ذكرى رحيله.. لأول مرة.. حزمة أسرار عن " المسيري"

حمل التطبيق الأن